أشتهر هذا القصر لدى متساكني المرسى باسم دار أحمد باي كما اشتهر باسم هذا الأمير الجامع المجاور لهذا القصر ثم المركب السكني الذي حل مكان قصر دار التاج و في الحقيقة أنه لا هذا القصر و لا الجامع المذكور من تأسيس أحمد باي بل كانا موجودان قبله فجانبا من هذا القصر معدودا ضمن العبدليات التي تحدث عنها الشيخ محمد الفاضل بن عاشور في إحدى محاضراته حول الآثار الحفصية بالمرسى واعتبره إحدى العبدليات الثلاثة وهو أوسطهم أما الكبرى فالمعروفة ببرج السلاسل في المرسى المدينة و هو الآن معلم مسجل أما الصغرى فهو القصر الموجود خلف محطة القطار . غير أن هذا القصر أضيف له عدة تحويرات من جوانبه الشيء الذي أفقد الشكل المعماري للعبدلية الوسطى المذكورة كما أضيف له عقار على مستوى نهجي عبد الحفيظ المكي ونهج علي باش حانبه وألحق بالقصر بممر مغطى على شكل جسر و يروى أن الأمير أحمد باي لما أراد الجمع بين الأختين أفتى له بعض المفتين باستقلاليتهما في السكن و هذه الاسطورة ليس لها أي وجه من الصحة كما أكد لي ذلك المرحوم أحمد الجلولي ، أما محل المقهى DSCN0271المواجه لمقهى الصفصاف فقد كان بيت التموين للقصر و كان تحت انظار المرحوم عزوز أحواص ،

وحسب المصادر التاريخية،   سكن هذا القصر الكونت جوزاف رافو المتوفى سنة 1862 الذي وصل إلى رتبة وزير للخارجية في عهد الأمير أحمد باشا باي الأول ثم ملكه الأمير على باي الثالث الذي تولى الحكم من سنة 1882 إلى سنة 1902   ثم اختص به ابنه أحمد باي الثاني الذي تولى الحكم بين سنة 1929 و 1942 ، و كان هذا الامير حسب بعض الرزنامات الصادرة في ذلك التاريخ يقضي فيه ثلاثة أشهر و أضاف به بعض التحويرات تكلمنا عنها هدمت بعضها سنة 2000 بقرار بلدي .

و على إثر بيع هذا القصر من طرف ورثة أحمد باي في السنوات

الأخيرة بيعت منه العديد من القطع الرخامية وغيرها علاوة على الإهمال الذي لحقه منذ وفاة أحمد باي سنة 1942.

وبذلك ستخسر المرسى قصرا آخر من القصور الملكية بعد قصر التاج الذي كان يتضمن ثكنة عسكرية و مسجدا واستفاد من هدمه بعض المسؤولين و تجار مواد البناء في ذلك العهد .

و أدعو من خلال هذا المقال إلى التحمس كمجتمع مدني    والتعاون مع جمعية صيانة مدينة المرسى على إنقاذ هذا المعلم لما له من الرمزية في بطحاء مقهى الصفصاف فضلا على شكل هندسته المعمارية المتميزة و التي تؤرخ لحقبة من الحقبات التاريخية للهندسة المعمارية في البلاد التونسية.

وصف هذا القصر من كتاب مشاهد الممالك لأدوار إلياس لما زار المرسى :

<< لما احتل الفرنسيون تونس و بسطوا حمايتهم عليها ترك علي باي قصر باردو و توطن المرسى مع أهل بيته في قصر بناه .وقد رأيت العلم التونسي يخفق عليه دليل وجوده في القصر وهو توفي فيه.

وليس لهذا القصر جمال ظاهر و لكنه بني على أرض واسعة كبيرة و له باب بالغ العلو يقف أمامه الحرس الخصوصي للباي يلبسون مثل جنود الدولة العلية أي العثمانية

غير أن طربوشهم تونسي له شرابة طويلة (يقصد الشاشية والشرابة هي القبيطة) و حلية من القصب فوق جهة الجبين يخطرون أمام القصر والناس تمر من الساحة الكبرى…>>كتاب مشاهد الممالك ط: 1910 ص 686.

     إعداد : سامي بشر